مخاوف من غضب إلهي يطال أهل نواكشوط (أسماء)

أربعاء, 02/19/2020 - 13:25

لطالما ارتبط رجال اعمال الرعيل الأول في نواكشوط بالعمل الخيري اعترافا منهم أن في أموالهم حق معلوم.. ، حتى خُيل إلى العامة ان العمل الخيري ضمن الاعمال المضافة إلى رجالها ، ولكن للأسف خلف من بعدهم..!!

فقد جفت منابع الخير والعمل الخيري من مفهوم رجال اعمالنا الحاليين ليتحولوا من محسنين إلى ناهبي أموال.

ولعل ظاهرة البخل المنتشرة في اوساط الاغنياء الجدد ، هي القشة التي قصمت ظهر البعير .

حيث خلت الكفالات والمساجد والمحاظر وسياسة تثبيت السكان وحتى الزكاة وجميع المجالات من أي مشاركة لرجال الاعمال ، لينصب اهتمامهم حول نهب المال وابرام الصفقات المشبوهة ، واستجلاب السموم القاتلة إلى البلد والتهرب من الضرائب.

قيل قديما ، لا فائدة في ثلاث إن وقعت بيد ثلاث ، المال بيد البخيل، والسيف بيد الجبان، والقلم بيد الأحمق.

و البخل ضد الكرم والجود ، وقد يشمل جميع الجوانب في حياة البخلاء من مأكل ومشرب وملبس وإنفاق .. وهو بالمعنى العام الزهد في كل ما أوجب الشكر ، ونوه بالذكر ، وأدخل الأجر ، وكل ما ارتبط بالقدح والذم والتحقير والاقتصاد والتقتير.

وتنتشر ظاهرة البخل والتقتير في العاصمة نواكشوط بين أوساط الاغنياء المعروفين برجال الاعمال ، وتهدد بتحويل مجال الاعمال في نواكشوط ونواذيبو ، وهما اختصار لموريتانيا، لتصبح الظاهرة "مذهبا" جديدا للبخل على غرار ما شهده العصر العباسي.

وتتسع ظاهرة البخل في هذا المجال الاقتصادي الأساسي والحيوي ، وسواء فيه العاكف والبادي ، وهو اكثر المجالات فسادا ، وتقلبا بتقلب الأنظمة حيث صنعت معظم الانظمة المتعاقبة على نواكشوط رجال اعمال على مقاسها الخاصة ، وانتقت نخبتها من رجال اعمال جاءوا إلى العاصمة نواكشوط من كل فج عميق، وانتقت من باعة الفحم واللبن والدجاج ولاعبي القمار نخبا تميزت بالبخل لدرجة رشح الحجر.

ولا ادل على ذلك من زهد رجال الاعمال بالعاصمتين السياسية والاقتصادية في اعمال الخير اتجاه ملاك المال الحقيقيين ، حيث تبيت عائلات على وقع بكاء اطفالها في العاصمة نواكشوط على الطوى دون عشاء، بينما يعجز معظم رجال الاعمال عن صلاة العشاء بسبب التخمة .

مذهب البخلاء :

يعتبر البخل من الظواهر الاجتماعية التي تفشت في المجتمع العباسي شكلت الجانب المضحك في كتاب "البخلاء" للجاحظ حيث انتقي موضوعات للهزل والضحك.

وقد دعت الظاهرة أصحابها إلى الانضواء تحت مذهب خاص بهم يتدارسون فيه قضاياهم، وما يهمهم للدفاع عن مذهبهم والاحتجاج له.

وقد شكل البخلاء مذهبا قويا مؤثرا في التشكيل الاجتماعي للعصر العباسي، إذ كان لهم ناد يجتمعون فيه، وحلقة يقعد فيها أصحاب الغنية، والبخلاء يتذاكرون الإصلاح وطرق البخل ، ومكانهم في الأغلب المسجد، حتى سموا بالمسجديين، ويبدو أن مسجد ابن رغبان بحي البصريين في بغداد كان ملتقاهم، ومحط رحالهم، وكان على رأسهم فيه أبو عبد الرحمان الثوري، واجتمع له منهم عدد كبير، منهم : إسماعيل بن غزوان، وجعفر بن سعيد، وخاقان بن صبيح، وعبد الرحمان العروض والحزامي عبد الله بن كاسب، ومنهم سهل بن هارون، وأبو يعقوب الخريمي، وكان أبو سعيد المدائني إماما للبخل في البصرة في ذلك العصر، وكان البخل عندهم دعوة ومذهبا اقتصاديا، وكان الثوري يحتج للبخل، ويوصي به ويدعو إليه.

ويقوم مذهب البخلاء على التناصح والتذاكر في البخل من خلال حفظ المال، وعدم الإنفاق والتقتير على الأهل، كما يرتكز مذهبهم أيضا على الوصايا والنصح لأبنائهم بسلك مسلكهم، وكيفية تدبير أمورهم ومن وصاياهم نذكر وصية أسد بن جاني لابنه قال : " وأعلم أنه إذا كان في الطعام شيء ظريف، ولقمة كريمة، ومضغة شهية، فإنما ذلك للشيخ المعظم والصبي المدلل،ولست واحدا منهما، فأنت قد تأتي الدعوات والولائم، وتدخل منازل الأخوان . وعهدهم باللحم قريب، وإخوانك أشد قرما منهن إليك، وإنما هو رأس واحد، فلا عليك أن تتجافى عن بعض، وتصيب بعضا، وأنا بعد أكره لك الموالاة بين اللحم ، فإن الله يبغض أهل البيت اللحمين... انتهى الاستشهاد ، نعوذ بالله من البخل!.

مولاي الحسن بن مولاي عبد القادر لموقع صوت