البطالة والمخدرات تفقد الشباب ذاته / عبد الرحمن الطالب بوبكر الولاتي

جمعة, 06/18/2021 - 00:51

شهدت موريتانيا خلال السنوات الأخيرة تدهورا اقتصاديا خطيرا بالنظر لسوء الإدارة الحكومية، مما أدى الى استشراء الفساد الإداري والمالي في معظم مفاصل الدولة، وسيطرة بعض الساسة على المشاريع العمرانية لتغذية نفوذهم وسيطرتهم في البلد، وبعد فشل الكثير من المشاريع لم تعد تلك القوى السياسية تستفيد ماليا من تخصيصات تلك المشاريع، الامر الذي دفع بعضهم الى الدخول في عالم النشاطات الاقتصادية غير القانونية كالاتجار بالمخدرات.....، بغية الحصول على المزيد من الاموال الطائلة.

في الوقت ذاته يعاني المواطن البسيط من وضع اقتصادي واجتماعي مزر، بسبب البطالة وانعدام فرص العمل، مما ولد إحباطاً واكتئاباً نفسياً لدى بعض الشباب العاطل نتيجة الحرمان والعوز ومن عدم تأدية واجبهم تجاه عائلاتهم والمجتمع، ومحاولة البعض منهم للهروب من واقعه المؤلم فانجرف في مسارات الجريمة والإدمان على المخدرات.

ان البطالة وانعدام فرص العمل لغالبية الشباب الموريتاني، واقتصار الوظائف على فئة معينة من الناس نتيجة صفقات الفساد وتبادل المنفعة و التدوير الوظيفي و التوريث الوظيفة للأبناء خلق تفاوتاً طبقياً واجتماعياً كبيراً بين فئة واخرى، فالمواطن العادي لا يجد لقمة العيش ولا مأوى ولا مستقبل، وتجد العكس في الفئة المتنعمة بالرغم من قلة كفاءتها وتدني تعليمها وحملها لشهادات المزورة  قياسا بالشباب الخريجين أصحاب الشهادات العليا وغيرهم، شظف العيش هذا اجبر البعض على الانخراط في الاعمال الممنوعة كالاتجار والترويج للمخدرات والجريمة بغية الحصول على عمل ومصدر عيش لعائلاتهم.

وتقدر نسبة العاطلين من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و35 سنة ما يقارب 55 في المائة وهو ما يؤكد أن البلاد لا تستفيد من شبابها الناشط في وقت تحتاج فيه إلى طاقاتهم باتجاه إنعاش الاقتصاد المنهك.
فإن الحكومات المتعاقبة لم تفتح بجدية ملف البطالة ولم تضبط خططا إستراتيجية لتشغيل الشباب.
واكتفت تلك الحكومات بما فيها الحكومة الحالية بـ”إجراءات مرتجلة” لم ترتق إلى مستوى الحلول الجذرية لمعضلة بطالة الشباب.

تظهر قراءات للحالة الاجتماعية أن ظاهرة البطالة شهدت خلال السنوات الماضية تحولا خطيرا حيث ارتفعت بطالة.

وتؤكد تلك المؤشرات أن المجتمع الموريتاني تجتاحه ظاهرة البطالة والمخدرات وقاد ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب إلى ظواهر خطيرة منها الالتحاق بالجماعات الجهادية إضافة إلى الإدمان على المخدرات حيث تصل نسبة الإدمان بين الشباب الي نسبه مرتفع هذا ما يشكل خطر.

وألقت نسبة البطالة المرتفعة في صفوف الشباب وخاصة المنحدرين من الفئات الاجتماعية متوسطة بظلال سلبية من أخطر ملامحها حالة الإحباط وانسداد الآفاق في ظل الهشاشة الاجتماعية.

دفع الإحباط بالشباب الموريتاني إلى خيارين أحلاهما مر إما الالتحاق بالتنظيمات الاسلامية المتطرفة في المالي أو نيجيريا و الصحراء...... أو الهجرة. 
كما أدّت البطالة إلى هجرة عدد كبير من العاطلين عن العمل إلى دول أخرى؛ في سبيل إيجاد ما افتقدوه من فرص للعمل في وطنهم.
قاد استفحال البطالة إلى الزج بالشباب في عالم الإدمان على المخدرات وذلك إضافة إلى ارتفاع ظاهرة الانتحار وشبكات الجريمة المنظمة غالبيتهم من الشباب العاطلين عن العمل وهم فاقدو الثقة بمستقبلهم وبتحقيق طموحهم في الحصول على وظيفة وبيت وعائلة وحياة كريمة، ووصل حالهم الى حد اليأس من الحياة فأنزلقوا الى الجانب المظلم وهو المخدرات.
ندعوة الحكومة الى تحمل مسؤوليتها الكاملة في محاربة الظاهرة الخطيرة والتي سوف تقضي على الشباب، كونها تؤثر سلبا على الطاقة البشرية في المجتمع وبصفة خاصة الشباب منهم، كما تؤثر على موارد البلد البشرية مما يعرقل أية جهود خاصة بالتنمية الشاملة في المجتمع، فيما تكمن الصعوبة في محاربة الظاهرة في السرية التامة التي تحيط بالعملية وغياب الشفافية في معالجة المشكلة، اذ لم نسمع ان احدى الفضائيات ناقشت موضوع المخدرات او اسباب انتشارها وطرق دخولها الى البلد، او دعوة وزارة الصحة لبيان اخطارها العديدة على الصحة والمجتمع.

قد يترتب على البطالة وصول حالة بعض الأفراد النفسية إلى الاكتئاب المزمن، والذي قد يؤدّي في نهاية المطاف إلى انتحار البعض، وبالتالي خسارة المجتمع لعدد من افراده وشبابه من الحلول الممكنة للحد من البطالة وتقديم الإرشاد المهني والوظيفي للطلاب في المرحلة الثانوية والجامعية ليتمكن كل طالب من اختيار التعليم الدراسيّ المناسب لقدراته واهتماماته، وبالتالي خلق أفراد مبدعين مستقبلاً، يكون اختيارهم الصحيح للمهنة يجعلهم أكثر قدرة على الإتيان بأفكار جديدة تبني لهم مشاريع ذات جدوى عظيمة في مجالها وضرورة خفض سنّ التقاعد في الدولة، حتّى يتمكّن الخريجون الجدد من الانتساب للوظائف الحكوميّة والأدارية بشكل أكبر كالبديل لأولئك المتقاعدين والتقليل من العمالة الخارجية ووضع قيود مشددة قدر الإمكان.
 فلنعمل جميعاً من اجل رفع وعي الفقير ليدرك ان الفقر نتيجة السياسة الاقتصادية الفاشلة والفساد والمحسوبية التي انتشرت في البلد، ويتوجب النضال لاجل الحصول على المكتسبات لا من خلال الوقوع في براثن المخدرات.