إمارة آدرار

أربعاء, 11/11/2020 - 17:24

استولت ذرية يحيى بن عثمان بن مغفر بن أدي بن حسان على أراض شاسعة من وسط البلاد إلى شمالها وهو الإقليم المعروف بآدرار(مسمى على هضبة آدرار) الممتد من تڭانت جنوبا إلى مداخل تيرس شمالا ومن إينشيري غربا إلى تخوم أزواد شرقا، وكان إديشلي أهل السلطة في هذا الإقليم قبل وصولهم، فاشتبكوا معهم بمساعدة أبناء عمومتهم من لمغافره حيث تمكنوا من إزاحتهم في معركة تجال سنة 1689م.

 

وللتذكير فأولاد يحيى بن عثمان هم أولاد غيلان الذين انشق منهم أولاد آكشار ثم انشق أولاد عمني وأولاد بولحيه من أولاد آكشار.

 

وفي ما يلي قائمة الأمراء الذين تعاقبوا على هذه الإمارة:

 

1-عمني بن آڭشار: كان من أهم قواد الحرب ضد إديشلي وهو من وطد أركان الإمارة وسيطر على معظم أراضيها.

 

2-ڭِراف بن عمني: شهدت فترته انفتاحا على أبناء عمومته من أولاد غيلان، وتوفي قبل نهاية القرن السابع عشر.

 

3-حمو بن ڭراف: حكم في ملتقى القرنين السابع عشر والثامن عشر، وساعد في حروب إديشلي الداخلية.

 

4-عبد الرحمن بن حمو: كان مستبدا فثار عليه ابن عمه عثمان بن لفظيل بن شنان بن بوبه بن عمني فدارت بينهما حروب طاحنة طالت مدتها وأدت إلى انتصار عثمان بن لفظيل واستيلائه على الإمارة سنة 1745م بمساعدة أخواله لبراكنه.

 

5-عثمان بن لفظيل: جد في حرب شيعة عبد الرحمن بن حمو فقاتل إديشلي الظهر وأود غيلان وطردهم من إمارته واستولى على أموالهم، ثم سمح لهم بالعودة بعد أن أقروا بخضوعهم.

 

6-لڭرع بن لفظيل: استولى على الإمارة بعد وفاة أخيه عثمان لأن ابن الأخير سيد احمد ما يزال صغيرا، لكن فترته لم تطل فما إن راهق سيد احمد حتى بدأ الحرب ضده بمساندة بعض أبناء عمومته وجمهور أولاد غيلان، فدارت الحرب بينهما وانتهت بمقتل لڭرع حوالي 1785م.

 

7-سيد احمد بن عثمان بن لفظيل: حكم من مقتل عمه لڭرع إلى حدود 1826م ودارت في فترته صراعات مع أولاد غيلان.

 

8-أحمد بن عيده: ابن الذي قبله من أم من لعويسيات وإنما عيده اسم مرضعته وهي من التوابير، ويروى أن زوجة أبيه وهي بركنية النسب نادته يوما على وجه السخرية "ابن عيده" فأوجب أن لا يناديَه أحد بعدها إلا بذلك الإسم، كان أحمد العيده شجاعا راجح العقل، دارت حرب بينه وأخاه لأبيه المختار بن سيد احمد فهزمه، كما دارت حروب طويلة بينه وأولاد ادليم ووقعت الحرب الشهيرة بينه والترارزه وتقدمت الإشارة إليها في حديثنا عن إمارة الترارزه.

 

توفي أحمد العيده سنة 1861م وقبره عند موضع يسمى كدية أمات الرڭيبات.

 

9-امحمد بن أحمد بن عيده: تولى بوصية من أبيه لكنه لم يقض في الإمارة إلا أياما قلائل حيث قتله أخواه عثمان ومحمد.

 

10-عثمان بن أحمد بن عيده: دارت الحرب بينه وشيعة أخيه المقتول امحمد فلجأ إلى قبائل الساحل(أولاد ادليم والرڭيبات..) فاستعملهم في غزو آدرار حتى أضعف شيعة أخيه فرضخت له، لكنه لم يلبث طويلا في الحكم فاقتيل على يد الطرش من أولاد غيلان سنة 1863م.

 

11-محمد بن أحمد بن عيده: خلف أخاه عثمان، إلا أن قبائل الساحل غزت آدرار في فترته فشتتوا الناس ووقعت الذريره والمجاعه ولم يعد آدرار آمنا بالمرة، حتى قُتل الأمير محمد على يد أولاد غيلان، فاستولى عمه المختار على ما تبقى من آثار الإمارة إلا أن بكار بن اسويد أحمد الإدوعيشي هجم على حلته فقتله وولى مكانه ابن أخته أحمد بن امحمد بن أحمد العيده سنة 1871م.

 

12-أحمد بن امحمد: كان دينا عادلا فاجتمع أهل آدرار حوله وعاد الأمن إلى آدرار في أيامه، وهو الذي خاطبه الفقيه والأديب الكبير محمد عبد الرحمن بن المبارك بن اليمين الڭناني بقوله:

 

من عافيتْ أحمد لمحمد == ول أحمد ما يڭبظ لغيار

 

حد الحد ولا يعط حد == الحد اتل ماهُ لخبار

 

لكن الصراعات في آدرار عادت من جديد فتحاربت طوائف أولاد غيلان وخرج بعضها على طاعة الأمير ولجأ إلى الترارزه حيث نظم هجماته على إمارة آدرار، كما عاد خطر أهل الساحل(أولاد ادليم أساسا) إلى الواجهة.

 

ثم وقعت صراعات بين بعض إديشلي فأحس بعضهم بانحياز الأمير ضده فتربصوا به حتى اغتالوه على مشارف تڭانت، وقيل إنه لما أحس بالضعف استدعا ابن عمه أحمد بن سيد احمد فقال له: أوصيك بثلاثة:أن لا تترك دمي يبرد وأن لا تحمل ضغينة على إديشلي وأن لا تبعد أولاد غيلان عن سياسة إمارتك فقال له:"موت انت ولا قديلك".

 

13-أحمد بن سيد احمد: لما تقلد منصب الأمير هب لحرب إدوعيش لأنه رآهم متمالئين مع إديشلي على قتل ابن عمه فوقعت بينه وبينهم أيام منها يوم آرزاڭ ويوم الطرطيڭه وكانت أياما شديدة على إدوعيش، وفي يوم الطرطيڭه شاعت شائعة أن إدوعيش يريدون الإستيلاء على خيل الإمارة لسرعتها وجودتها فلما انهزموا قال لحزام بن معيوف العمني ساخرا:

 

آن ڭالولِ عن عثمان == امحولِ يسبت هولِ

 

بفرص عند احيَ من عثمان == وابحولِ بكار امحولِ

 

وكتن يامس رين فرسان == حظرُ للفتن ڭالولِ

 

عن ما حان لفرص عثمان == ولا حانَ بكار الحولِ

 

لكن إدوعيش استعادوا قوتهم بدعم إديشلي الذين قام الأمير بمجزرة في حقهم عقابا لهم على قتل سلفه، فهزموا الإمارة في يوم فرع الكتان فقال أديبهم ردا على الحزام:

 

ڭول اللحزام ولا فخرَ == عنِّ ريت البيه امحولِ

 

ريتُ هو يوم الحصرَ == ماشِ بززال امجولِ

 

ريت العود افبل المهرَ == واسيساخ افبل الحولِ

 

ثم اشتدت الصراعات من جديد في آدرار فوقعت الحرب بين الإمارة وأولاد غيلان واستمرت حتى وفاة الأمير إثر سقوط داره عليه سنة 1898م.

 

14-المختار بن أحمد بن عيده: كان متسامحا فشهد آدرار في عهده أوضاعا أمنية متردية وزاد الطين بلة جودة تسلح قبائل الساحل التي اتخذت من آدرار مسرحا لصراعاتها ونهبها الممنهج.

 

واضطر المختار إلى التنازل عن العرش لاتهامه من قبل رعاياه بدعم دخول الفرنسيين إلى آدرار فالتحق بالشيخ سعد بوه وتولى مكانه ابنه أحمد لكن الرڭيبات وأولاد بسبع غزوا آدرار فقتلوه سنة 1903م في يوم بوخزامَ.

 

15-سيد أحمد بن أحمد بن سيد احمد بن أحمد بن عيده: كان لا يزال صغيرا عندما توفي والده فلجأت به أمه عيشة بنت عبد الله اللبية إلى الشيخ ما العينين وعند وفود بعض فصائل أولاد غيلان على الشيخ ما العينين أرسله معهم وأمرهم بتنصيبه ففعلوا.

 

وقد بدأت إمارته في زمن كان فيه آدرار يشهد فوضى حقيقية فكان أن بسط نفوذه عليه واستتب الامن فيه، وقاد مقاومة شرسة ضد الإستعمار الفرنسي حتى بعد دخوله آدرار سنة 1909م حيث انتقل إلى الحوض ونظم المقاومة منه فأقض مضاجع الفرنسيين، وقد أصيب وتم اعتقاله سنة 1912م وأعاده الفرنسيون إلى السلطة في السنة الموالية إذ لم يكن آدرار ليخضع لغيره ووقعوا معه اتفاقية، إلا أن علاقاته بهم اضطربت سنة 1918م فاستدعي إلى اندر وفرضت عليه إقامة جبرية، ثم عاد سنة 1920م وكانت السلطات الفرنسية قد استبدلته بغيره، فنظم المقاومة من جديد إلى أن استشهد سنة 1932م في معركة وديان الخروب.

 

كان سيد احمد فارسا أديبا وهو بالخلاصة من عظماء فتيان زمانه، ومن أدبه:

 

راصي ي بمبَ صرتك == ي امنين امعاك اداسرْ

 

دنو ينعت من عزتك == ياسر وادرڭ ياسرْ

 

وفيه قيل:

 

امبدل بعرب كل ابلاد == سيد احمد وانزيد اعليهم

 

ولان سفيه ولان زاد == متقشمي فيه ولا فيهم

 

وخلفه ابنه سيد احمد الأمير الحالي حفظه الله وأطال بقائه.

 

chinguet.blogspot.com