أمة من المنافقين.. مذكرات لمدونين أم للرئيس السابق عزيز؟

سبت, 05/30/2020 - 12:07

أثارت نشر مدونين لقصص غريبة ، على أنها مذكرات للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ، امتعاضا بين النخب الموريتانية ، حول طبيعة بنية العلاقة السياسية بين السلطة العليا ورموز نظامها .

وكشفت المذكرات مواقف يندى لها الجبين ، وصلت ذروة ادرامية ، عندما يتحول الرمز إلى عامل ، بل يتمنى أن يكون عبدا لكل من وصل إلى سدة الحكم .

وحسب معلومات حصل عليها موقع "صوت" فإن الروايات لا علاقة لها بالرئيس السابق ، ولا تعدوا خرافات، ومذكرات لمدونين ، ارادوا انتقاد ثقافة النفاق المستشرية في رموز الحكم في الانظمة المتعاقبة ، وقطع الطريق أمام تدوير المنافقين والفاسدين ، ودعوة صريحة لتجديد النخب السياسية بمفاهيم جديدة.

ومهما يكن من أمر فإن اتساق المعاني في النصوص مع عنصر الاثارة يرجج المستوى الروائي للنص المتداول لقراءة العامة ، ليرقى إلى رواية شعبية ، بغض النظر عن تأكيد عدم صحة مصدره المزعوم على أنه من مذكرات الرئيس السابق التي لم تنشر بعد حسب المعلومات المتوفرة.

وكان ناشطون قد نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان : أمة من المنافقين..!!! على أنها من مذكرات الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ما يلي :

أمة من المنافقين..!!!

(مذكرات الرئيس السابق)

لا أخفيك سراًّ_ أيها القارئ الكريم_  أن جلَّ ملاحظاتي في هذه المذكرات لا تُمثل مصدر فخر ولا اعتزاز لي؛ بل لعلي لا أكون مبالغاً حين أقول إنني أشعر وأنا أُسطِّرها بذات الخجل والاشمئزاز الّلذيْن كنتُ أشعر بهما وأنا أعيشها..!

مؤسفٌ.. أو قل: مؤلمٌ أن تكون "أُمَّةٌ" كلُّها مناففةٌ ذليلةٌ؛ لا فرق بين العسكري والسياسي، ولا بين المثقف والجاهل، ولا بين العجوز والشاب، ولا بين المرأة والرجل، ولا بين الشرقي والغربي، ولا بين الإفريقي والعربي، ولا بين السيد والمسود...!!!

حزينٌ أنا_ لو تشعرون_ وأنا أُدوِّنُ هذه الشهادة "القاسية" ضدّ شعبٍ وَهَبَنِي حتى عقوله.. كلُّهم كانوا مستعدين لفعل أي شيء من أجلي..!

قد يستغربُ قارئٌ ما؛ مثل هذا "الحكم" وقد يرى فيه "تعميما" ظالما ومتحاملاً؛ لكنني أقول له؛ وكلِّي يقينٌ : أنت_ أيضا_ لو قُدِّرَ لك أن جئتنا لما اختلفتَ عن البقية.

كلّما بَالَغْتُ  في إهانة أحدهم؛ كلّما اندفع أكثر في التودُّد والتّملُّق لي.. النماذج في هذا الباب لا حدَّ لها، ولا حصر؛ إذ كلُّ معاملاتي وإياهم؛ بل ومعاملة غالبية من سبقوني معهم؛ كانت قواعد في هذا السياق (لا شواذّ لها).

في بداية انقلابي على الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله جاءني عجوزٌ ثمانيني؛ أكل عليه الدهر وشرب.. معروفٌ لدى كل الأوساط كرمزٍ للنفاق السياسي، ينسجون حوله الكثير من الحكايات في ذلك الإطار؛ ورغم أنها_ في غالبيتها_ أُسِّسَتْ على حقيقةٍ؛ فإنه لم يكن بدعاً من البقية..!

حَضَرَ إلي في مكتبي، وفي لحظةٍ كنتُ أحوج ما أكون فيها إلى الداعمين، وهو قادمٌ من حزبٍ أُعوِّل عليه كثيراً في ذلك الشأن؛ إلا أن ذلك كلّه_ سنّه وحاجتي وأملي في حزبه_ لم يمنعني من توجيه كلِّ الإهانات إليه؛ دون أن يُبْديَ أيّ امتعاضٍ؛ لكنني؛ ما إن صارحتُه أنني لا أثقُ فيه ولا أريده؛ لأنني كنتُ شاهداً على "عقدين" من نفاقه، وحدَّثني التَّواتر الموثوق عن عقدين آخرين.

ما إن وصلتْ كلماتي مسامعه حتى سقط مغشياً عليه.. أخذ الحرس يسكبون عليه الماء، ويصفعونه، وهو كالميِّت؛ لا حراك به..!

فزعت _ لحظتها_ لأنني لا أريد التورط في قتل هذا "الخرف" فقلت لأحد الحراس لو كنت أُدرك أن كلامي سيقتله ما كنت قلته؛ ويبدو أنه_ رحمة الله عليه_ مخلصٌ في ولائه لي..!

جلس العجوز_ وكأننا كنا في حلم_ وقال: والدليل على إخلاصي لكم أنني عدتُ إلى الحياة من أجل خدمتكم..!

حتى ذلك العجوز الآخر الذي شغل منصب مدير ديواني، وحاول مرَّةً في "مسرحية" هزيلة أن يُظْهر "بعض" الكبرياء والأنفة، جاءني وهو "يتهادى" بين اثنين من أحفاده؛ ليقول لي سيدي الرئيس: قل لي ما شئت؛ بل افعله لي؛ فأنا لستُ إلا ملكك؛ لكني: أتوسَّلك أن لا تفعل بي ذلك أمام الناس..!

في إحدى الليالي، وبعد أن خلتُ الناس هجعوا إلى نومهم، اتصل عليّ عزيزي مولاي وأبلغني أن مدير "الهابا" يُعاني من نزيفٍ حادٍّ.. وأومأ إليّ أن الأمر قد يكون بسبب ابننا بدر الدين..

كانت سحنة الأسف والخوف باديةً في صوت مولاي.. هدَّأته، واتّصلتُ على ابننا الذي لم أسمع شيئاً من كلامه.. كان لسانه مثقلاً.. وكانت أصوات الموسيقى الصاخبة تملأ فضاء تواجده.

أعدتُ الاتصال على مولاي، وقلتُ له أن يأمر صاحب "الهابا" أن يتصل بي.. وما هي غير هنيهة حتى رنّ هاتفي؛ لم آخذه في البداية (وتلك عادة_ أيضاً_ أمارسها معهم دائما؛ إذ أتركهم يتصلون أكثر من مرة ويبعثون الرسائل)!!

بعد أن رددتُ على مكالمته أخذ يعتذر عن الذي جرى مع بدر؛ دون أن يذكر تذمّرا منه؛ مُتعهداً أن لا يتكرر أبداً ذلك الخطأ الذي لم أسأله عنه، ولم يتجرأ على قوله من نفسه.. لكنني؛ عرفتُ بعد ذلك أن بدر الدين أخبره أحدهم أن إحدى الفضائيات المحلية ذكرت اسمه في سياقٍ سلبيّ، وأن صاحب "الهابا" هو المسؤول عن كل "القنوات".

اتصل بدر على المعنيّ وأمره بالحضور إليه فوراً.. وحين حضر سَدَّدَ له لكماتٍ متعددة، وأمره بإغلاق تلك القناة نهائيا، أو إيقاف ذلك البرنامج على الأقل.

لستُ راضياً عن سلوك ابننا ولا إهاناته واستفزازاته المتكررة للموظفين ورجال الدولة؛ لكنني_ أعود مرة أخرى_ لأكرر أن "أمتي" تستحق كلّ أشكال الإذلال والاحتقار؛ إنها_ باختصار_ أمة تافهة؛ ولا يليق بحاكمها غير فلسفة الخالد فرعون "فاستخف قومه فأطاعوه" ..!!!

يتبع..