موريتانيا: السياسة بين اسراف في الولاء وسرعة في العداء

أحد, 01/19/2020 - 13:36

كم هي غريبة تلك الثقافة السياسية التي يعتمدها معظم الرموز السياسية في موريتانيا والتي لن نغوص في خضمها لحساسية الموضوع من جهة ولوقوفنا على مسافة واحدة من جميع الاطراف، ولكن.

ظاهرة يبدو أننا ورثناها من سياسة المستعمر المعروفة "فرق تسد" ، لكونها بدأت مع اعلان الدولة ، وترسخت في الاحكام الشمولية ، حيث نشط فيها سياسيون ابدعوا في ممارساتها ، ووسط غياب للمبادئ تتسع لتصبح ثقافة سياسية بامتياز.

قيل أن رئيسا سابقا لما استغرب نسبة الانتساب لحزبه ، والتي وصلت 8 ملايين منتسب من الناخبين الموريتانيين ، أجابه أحد السياسيين ، "هذا الا الانس مزال الجن كامل ما فات انتسب" ضحك الرئيس وحق له ذلك.

وقيل أن احد السياسيين طلب منه لقاء وبعد الاتصال به حكى له ، بصريح العبارة "اصبحت اليوم مهموما افكر في ما هو مصير موريتانيا بعدك ، لكن الهم انقشع عني وتبددت المخاوف لما تذكرت وجود نجلك فلان"!!.. في اشارة إلى التوريث.

حتى ان بعض السياسيين ابدعوا في التزلف لدرجة ان بعضهم اكتشف اضرحة مزورة لأسلاف رؤساء موريتانيين.

ازدادت رقعة التزلف والنفاق واتسعت لتصل في العهود الاخيرة إلى التزلف والتقرب حتى من ابناء بنت خالة طباخ الرئيس .

وهكذا لم يطرى على الظاهرة من جديد غير أنها اتسعت لتطال اقرباء الرئيس وخدامه ، إلا أنها تصطدم بسرعة التحول والتغير والتنكر.. وتلك آخر ابداعات رموزنا السياسية !!.

قيل كان العباس ابن سهل والي المدينة لعبد الله ابن الزبير، فلما بايع الناس عبد الملك ابن مروان ولى عثمان ابن حيان المري، وأمره بالغلظة على أهل الظنة، فعرض يوما يذكر الفتنة وأهلها، فقال له قائل هذا العباس ابن سهل على ما فيه، كان مع ابن الزبير، وعمل له، فقال عثمان ابن حيان، ويلي والله لاقتلنه.

فقال العباس، فبلغني ذلك فتغيبت حتى أضر بي التغيب، فاتيت ناسا من جلسائه فقلت لهم مالي اخاف وقد امنني أمير المؤمنين عبد الملك ابن مروان، فقالوا والله ما يذكرك الا تغيظ عليك، وقل ما كلم على طعام في ذنب الا انبسط، فلو تنكرت وحضرت عشائه وكلمته.

قال ففعلت، وقلت على طعامه وقد أوتي بجفنة ضخمة ذات ثريد ولحم، والله لكانني انظر إلى جفنة حيان ابن معبد والناس يتكاوسون عليها، وهو يطوف في حاشيته يتفقد مصالحها يسحب أردية الخز، حتى أن الحسك ليتعلق به فما يميطه، ثم يؤتى بجفنة تهادى بين أربعة ما يستقلون بها الا بمشقة الانفس، وهذا بعدما يفرغ الناس من الطعام ويتنحون عنه فياتي الحاضر من اهله والطاريء من أشراف قومه، وما بأكثرهم من حاجة إلى الطعام، وما هو إلا الفخر بالدنو من مائدته والمشاركة ليده.

فقال هيه.. انت انت رأيت ذلك؟ قلت اجل والله، فقال لي من انت، قلت وانا آمن؟ قال نعم، قلت العباس ابن سهل بن سعد الأنصاري، قال مرحبا واهلا، اهل الشرف والحق.

فلقد رأيتني بعد ذلك وما في المدينة رجل أوجه مني عنده.

فقيل له بعد ذلك : انت رأيت حيان ابن معبد يسحب أردية الخز ويتكاوس الناس على مائدته؟.

فقال والله لقد رايته ونزلنا ذلك الماء وجاءنا وعليه عباءة ذكوانية، فلقد جعلنا نذوده عن رحلنا مخافة ان يسرقه.

مولاي الحسن لموقع صوت