مشعوذون يعلّمون الناس السحر عبر الإنترنت ويتسبّبون في مشاكل كبيرة للعائلات

خميس, 12/05/2019 - 17:43

موضة جديدة ظهرت مؤخرا وصنعت جدلا كبيرا، وانتشرت بقوة عبر اليوتيوب، إنها ظاهرة السحر المنزلي، بمعنى امتهان السحر والشعوذة على أصولهما في المنزل بسرية تامة، وذلك من خلال اتباع خطوات بعض الأشخاص ممن يزعمون أنهم مشعوذون وسحرهم لا مثيل له، وينشطون بقوة عبر اليوتيوب ومختلف مواقع التواصل الاجتماعي، رغم علمهم علم اليقين أن السحرة لن يُفلح سحرهم من حيث أتوا.. فماذا عن سحرة اليوتيوب؟؟

انتشرت عبر موقع اليوتيوب، عديد الفيديوهات التي تُشجع السحر والشعوذة، وتُظهر طرق وفنون استخدام السحر المنزلي بكل دقة وإتقان، فقد يشرح هؤلاء السحرة والمشعوذون أنواع السحر ويوضحون بإحكام طرق ممارسته، وللأسف الشديد أنّ هناك الكثير ممن يشاركون فيه حيث يتبعن خطوات الفيديوهات المنتشرة بكثرة عبر اليوتيوب، خاصة وأن تلك الفيديوهات قد تعددت وتنوعت بين السحر التونسي والسحر المغربي، ليظهر نوع آخر من السحر وهو السحر اليهودي، ويعتبر من أقوى أنواع السحر، إذ يستعمل فيه السحر الأسود الذي يدعي ممارسوه أن مفعوله خطير جدا على من تعرض له، وتجد هؤلاء السحرة يتراهنون فيما بينهم عبر اليوتيوب وكل واحد يزعم أنّ سحره هو الأفلح، فُيعلمون الناس ما يضرهم ولا ينفعهم، بدليل عدد القضايا التي تعالجها يوميا مختلف المحاكم الجزائرية، والتي تنتهي غالبيتها بالطلاق والانفصال وتشتيت الأسر، بسبب اكتشاف الأزواج أن زوجاتهن يمارسن عليهن السحر والشعوذة، دون الحديث عن الأمراض الروحية التي أصابت الكثير منهم بسبب مشاركتهم وتجريبهم لتلك الوصفات المنتشرة عبر اليوتيوب.

 

كما بلغ تأثير تلك الفيديوهات على الناس أعلى مستوياته، بدليل نسب المشاهدة التي سجلتها الفيديوهات المعنية بالأمر، إذ يظهر مشعوذون من الجنس اللطيف وحتى الرجال لهم نصيبهم في هذا العالم الروحي، بأسماء مستعارة وغالبيتهم لا يفصحون عن أوجههم، فيعلمون الناس كيف يقرؤون الطالع في الملح والحجر والقمح وعديد الأمور الأخرى.

 

طالبات يمارسن السحر في غرفهن وأخريات أصبن بالجنون

المشكلة هنا أن ممارسة السحر والشعوذة لم يعد يقتصر على النساء الأميات كما كان هو عليه الحال في السابق، وإنما تطوّر مؤخرا إلى غاية أن وصل إلى طالبات الجامعات، اللائي يُعتبرن نخبة المجتمع، لكنهن تؤمن بالسحر وتُصدقنه، رغم يقينهن بأنه محرم في القرآن الكريم، وأن الله تعالى نبذه عبر عديد الآيات القرآنية وجعله كبيرة من الكبائر، التي تؤكد على تحريم السحر وتنهي عنه وتشدد بذنب فاعله.

 

وخاصة طالبات الإقامات الجامعية، اللائي يعدن من أدراج جامعاتهم كل مساء، ويدخلن غرفهن ويغرقن لساعات طويلة، وهن يتفحصن تلك المواقع، ويكتبن خطوات السحر والشعوذة بدل دروسهن الجامعية، ليشرعن في ممارسة السحر بعد العاشرة ليلا ولا ينتهي سحرهن إلا بعد منتصف الليل، وللتأكد من الأمر انتقلنا إلى إحدى الإقامات الجامعية بالعاصمة، حيث حصلنا على رخصة للإقامة فيها لمدة أسبوع، وهنا رأينا الواقع المرير لطالبات العلم، اللواتي يتحوّلن إلى مشعوذات فور دخولهن للغرف، وعندما تسللنا إلى غرف بعضهن وجدنهن يشعلن شموعا بيضاء مغروسة بدبابيز صغيرة، ويقرأن فوقها بتمتمات لم نستطع فهمها، والأكثر من هذا، هناك من تجدها تضع رقم هاتف وصورة شاب تدعي أنها تحبه، وتُخبئها بدقة وسط الفلفل الحار، ثم تضعها فوق النار وتقرأ أيضا بعض العبارات غير المفهومة، دون الحديث عن الروائح الكريهة التي كانت تنبعث من مختلف الغرف، وعندما سألنا عن الأمر أخبرتنا طالبات أخريات، أن زميلاتهن تمارسن السحر والشعوذة، وتلك الروائح ناجمة عن “البخورات” المستعملة في الشعوذة، كما تحدثن عن طالبات أصبن بالجنون ومازلن إلى غاية يومنا هذا تقمن معهن وسط الإقامات الجامعية، وصرن يهددن حياتهن، وجنونهن ناجم عن تجاربهن من الفيديوهات المنتشرة عبر اليوتيوب، وأقسمن، أنهن رأين الويلات وسط هذه الإقامات، من سحر وشعوذة تطوّرت بفعل تلك الفيديوهات وصارت طاعونا ينخر وسط طالبات العلم ونخبة المجتمع.

جلب السعادة وقضاء الحاجة فقط بدفع 2400 دينار

نوع آخر من السحر، لم يسبق وأن سمعنا به في السابق، وهو سحر أبيض يُباع على الفايسبوك، شأنه شأن باقي السلع والمنتجات التي تنشر عبر الفضاء الأزرق الافتراضي، ويتواصل الزبائن مع العارضين من أجل شرائها، لتظهر تجارة أخرى لم تكن في الحسبان، تنافس بقية السلع، وهي عرض وبيع السحر، ويظهر بعبارات مختلفة من بينها “السحر الأبيض لجلب السعادة وقضاء الأمور”، حيث يزعم بائع السحر أو خادمه، أنه يحقق أي أمر يطلبه البائع فقط بـ 2400 دينار، فمن يرغب في أن يشتري سيارة، يشتري سحرا من عند هؤلاء الباعة الذين يعرضون بيع السحر، ويستغلون جهل بعض الأشخاص، وبفعله يستطيع من تحقيق حلمه، وكأنه أسطورة المصباح السحري الخيالية، والمشكلة الكبيرة، أن الكثير صدّقوا هذا النوع من السحر، وراحوا يتفاعلون مع تلك الصفحات، ويتهافتون على شراء هذا النوع من السحر، وكأنه سيحقق لهم فعلا ما يتمنون تحقيقه.

حجيمي: فضوليون جرّبوا وصفات السحر فأصيبوا بأمراض كبيرة

لمعرفة رأي الجانب الديني حول هذه الفيديوهات المنتشرة عبر اليوتيوب، اتصلنا بالمنسق الوطني للنقابة الوطنية للأئمة جلول حجيمي، الذي صرّح لنا، أنّ هناك عديد القنوات المتخصصة في مثل هذه الأمور من السحر والشعوذة وكذا الرقية المختلطة بالسحر، ظهرت خاصة في دول المشرق العربي، مثل لبنان والعراق، ولم تتبعها إلا فئة قليلة من الناس، لكنها الآن، كما ذكر حجيمي، انتشرت بقوة عبر اليوتيوب، وفيها من يدعي العلاج بالرقية وهناك من يُمارس السحر على المباشر، وهناك من يخلط بين الإثنين، حيث أصبح الآن هؤلاء الأشخاص يظهرون بأسماء مستعارة وشكلية، والناس باعتبارهم متعطشين لهذا العالم يُشاركون في هذه القنوات الخاصة، ويدخلون إليها، والأدهى والأمر كما قال حجيمي، أن بعضهم يُجرب السحر، وفي حالة التجارب هناك من تعرّض لأمراض ومشاكل كبيرة، لأن هذا العالم، كما قال حجيمي، عالم روحي وحساس وعالم التجربة في السحر هو مغامرة كبرى قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، لأن السحر يعتبر شركا بالله وفاعله سيلقى عقابا كبيرا في الدنيا والآخرة.