صراع الأوفياء.. أم صدام الرؤساء ( 5×5 )

سبت, 11/16/2019 - 15:53

شكل التناوب السلمي على السلطة لأول مرة في موريتانيا ، منصة نقاش بين العامة حول نوعية تسليم السلطة ، والحديث عن اتفاق وكواليس في خضم ترتيبات الترشح بين السابق واللاحق ، أبرزت مجموعتين في اتجاه معاكس تضرب أخماسا بأخماس نحو احداث صدام بين غزواني وعزيز .

فبين من يرى في حكم الرئيس ولد الشيخ الغزواني عهدة وتكملة لمسار رسمه الرئيس السابق ولد عبد العزيز ، بوصفه صانع النظام وقائده الروحي ، وآخرون يرون أن المصالح المشتركة بين الرجلين ترقى فوق كل الاختلافات الشعبية ، بل يذهب البعض إلى ان الرفيقان رجل واحد بوجهين .

وتلك رؤي مقبولة لدى العامة تعززها اجراءات عدة أبزها ما يلي:

1ـ حديث عن تحذير للمقربين قبليا من الرئيس ولد الغزواني بالانسحاب من الساحة السياسية أياما على تولي الأخير سدة الحكم ، بعد حملة التبرعات المليونية ، والحماس المنقطع النظير الذي بدى لأول وهلة والذي ، اربك قيادة ارباب العمل وأخواتها ، قبل يتم إيقاف الحملات المضادة بإعاز من السلطة العليا.

2 ـ إنتقاء اقرب المقربين للرئيس ولد عبد العزيز ، وإعادة تأهيلهم بالحقائب الوزارية ودوائر السياسة والاقتصاد.

3 ـ إعلان وزير التعليم العالي في أول تصريح له بعد إعادة الثقة إليه ، أن حكم الرئيس غزواني ليس سوى تكملة ، و"امتدادا" لنظام ولد عبد العزيز ، وهو تصريح لايخلوا من قوة دفع حاضرة ، يعتمد الرجل عليها في تصريحه ، كما هو الحال في تعنت نائب رئيس البرلمان وإصراره على الوجود الروحي لصانع الحزب.

4 ـ ثوابت وقرارات اتخذها الرئيس السابق ، بدت عصية على سلطة الرئيس اللاحق ، والتي أبرزها قرار تحديد السن للطلاب الراغبين في التسجيل بالجامعة ، الذي تحول من قرار إلى أزمة كادت تعصف بحكومة ولد الشيخ سيديا الذي حاول التلميح إلى جهة أخرى ، بقوله أن القرار تم اتخاذه قبل تشكيل حكومته ، ولولا ما أتيح من هامش بسبب الجانب الانساني والحقوقي ، سمح بالتوصل إلى اتفاق متحفظ عليه لإنهاء الأزمة بحل قد لا يكون نهائيا ، وهو يؤكد أكثر من أي وقت مضى أن الواقع قد لا يبدوا كما نراه .

5 ـ تحكم رموز السابق من رجال الاعمال والمال في مفاصل التجارة الاقتصاد ، والإبقاء على المحفزات والخصوصيات التي كانت معتمدة لديه ، حتى من حيث الحرس الخاص والإجراءات البروتوكولية لأفراد الأسرة.

أما الجانب الآخر من العامة فله رأي آخر هو الرأي الثاني الذي لا ثالث له في المشهد السياسي الحالي  ، ويتجه ذاك الرأي دون سابق إنذار إلى الاستغلالية ، وفك الارتباط بين الرئيس غزواني والرئيس عزيز .

وتبدوا الرؤية الثانية مفترضة إذا ما تم تناولها من جميع جوانبها ، وتعزز من واقعيتها الاحداث والوقائع التالية وتجعل من خاتمتها نتائج ملموسة قبل الوصول إليها ، ومن بين هذه الاحداث والوقائع مايلي:

1 ـ تجرد الرئيس ولد الشيخ الغزواني من عباءة الحزب الحاكم ، واصراره على ولد محمد الامين ، واختياره لولد الشيخ سيديا لتشكيل الحكومة ، وهم أبرز صقور المحيطين بولد الغزواني الداعين لفك الارتباط بين الرئسين والمعروفين بمناهضة عزيز ورموزه.

2 ـ استقطاب ولد الغزواني لألد اعداء ولد عبد العزيز وتهيئة الساحة لهم بوصفهم داعمين وأنصار جدد لا تقل أهميتهم عن أولئك الذين سبقوهم بالإيمان.

3 ـ تفرج الرئيس غزواني على الصراعات في الحزب الحاكم حول المرجعية ، ومحاولة إنشاء جناح أو حزب جديد ، وتفرجه على الملاسنات والشجار بين رموز الحزب ، التي وصلت إلى التهديد والتخويف والوعيد بعودة الرئيس السابق عزيز.

4 ـ انفتاح الرئيس غزواني على المعارضة التقليدية ، وإمكانية توقيع عقد جديد أو اتفاق على غرار "داكار"، قد يحول مسار طبيعة الحكم في موريتانيا ، ما يحرم الرئيس السابق من عودة محتملة إلى السلطة ، ويراها أنصاره حتمية.

5 ـ حديث عن اختطاف ناعم للرئيس غزواني من طرف بعض مقربيه الجدد ، وقرار بمصادرة قرارات سابقة قد يتم البت فيها ، واطلاق حملات وزارية جريئة ، وليست أبرزها حملة وزارة الصحة ، بل حديث عن وزارات أخري اكثر اضطرابا للوضع الهادئ.

ولعل صراع اطراف أقصى اليمين الذي يبدوا عنوانه الوفاء للقائد ، انطلق من رحم الاحساس بالإقصاء من تسيير الدولة وتشكلة الحكومة ، ليلقى بظلاله على العلاقة الشخصية بين الرئسين غزواني وعزيز ، تغذيه كوكبة من رموز النظام ، وأخرى ضيوف شرف لن يتمكنوا جميعا من الوصول إلى الهدف إلى بقطع شعرة معاوية بين غزواني وعزيز.

ومهما يكن من أمر فإن صراع الأوفياء يضرب أخماس بأخماس نحو خلق صدام بين الرجلين قد يفتح الباب واسعا أمام بداية مرحلة جديد لا أحد يتوقع نهايتها.

مولاي الحسن بن مولاي عبد القادر لموقع "صوت"

 

اقر أيضا:

أوجه المعاني .. لنظرية الخلاف بين عزيز وغزواني (أسماء)